| |

الثلاثاء، 2 فبراير 2010

فسلاماً لكِ يا أمي !


جلست وحيدا كعادتي في المساء محتارً في أمري واضعا يداي على خدي أحمل في جعبتي حزنا عميق
والهم قد سامرني وحيداً فريداً بالقرب من جدار الدار اتذكر ماضيه واترقب حاضره الاتي...
أٌناظرهُ واشكو لهُ وجعي وادمع الأماقي على وجنتاي الحزينه لعله يخفف من لوعتي التي في أحشائي ولكني في هذه المره بدأت اشكو لهُ ضياعي وفقداني عمدي وسندي وريحانة أشتياقي ولهفتي عند عودتي لدياري من سفري وترحالي..
فاخاطبها بلوعة وحزن يمزق احشائي فاقول لها:
يا أيتها الدار أتعلمين بما يحرق مهجتي ويثير لوعتي ويكوي كل دموعي ويجعلني طريح الإمنيات التي صارت سراب.. أتعلمين من ذا الذي رحل تاركاً ثقل الزمان ثقل المكان تاركاً في قلبي لوعة الحرمان وثقل الاهات والاحزان بعد ماكنت سعيدا بقربها مني حتى عندما كنت في غربتي اسمع صوتها وتسمعني وترى مكاني المظلم فتأتي أليّ من بعيد لترويني سعادهً وتشعل نورها عليّ في ظلمتي في غربتي .. أرجع مسرعاً إليها بشوق وصمت دفين فتحفظني بكفيها وتضمني بكل مافيها من حنان وأمان فتجري دمعاتها الساخنه لشدة شوقها لي فأحس بأن الدنيا هي وأنا الله منها يرعاني
فتشكو لي كم تعبت من الإنتظار...
يالحيرتي فهي أمي وما أدراك ماهي أمي !
كم تمنيتُ أن تحمل بكفيها الحانيه الرحيمه أول أبنائي لتقول لي سمهِ بسم الله وبالاحسانِ الحسن..
حريٌ بي أن أحزن ليلة زفافي بفقدانِها وتحمّرُ الأعُين من الدموع اليتيمه التي تخجل الناظر إليها فيه حيرا..
حريٌ بي أن أكون يتيم المكان فأنا أجالسك ياداري فنور ضيائك قد فارقني وجعل صباحي ليلا حزينا تواسيه محطم الامنيات وتمسح ادمعه زقزقات الطيور في وضح النهار..
سامحني أبي !
هذا هو حالي بعد فقدانها فماحالك
ياابتي ؟!
فأنا احترقُ وتُثار لوعتي عندما أجدُك تائها وحيدا والسُقم قد أخد مأخدهُ منك فلا تجدُ من يخفف آلمك واهاتك عندما كان لك خير جليس فقد ذهب الانيس ولم يبقى سوى عصفورا جميل تتسلى به وتناغيه في صباحك ومسائك فيفتح لك جناحيهِ مرفرفاً وكأنما ينوي العناق ليوحي لك انهُ مازال هناك حورية جميله في الدار باقيه فهي الشمعه المضيئه بل هي الحوراء الانسيه ننظر في عينيها عين ما فقدناه وقلب مافقدناه فهي الورده الباقيه من شذى الراحله السعيده لجوار المتعال الجبار خالق كل شي ومقدر كل شي ولإعتراض في حكم الله ..
وهذا هو سندُك الاكبر الذي كان مخلصا لأمهِ طوال تلك السنين الصعاب التي كانت تقاسيها مع من تحب يحمِلٌها على كفيه يخشى عليها فيحميها بعينه التي قل ما نامت بهدوء وسكينه.. كم من مرةً بكى لعذاب ألامها وهو لا يدري أين السبيل فقد كان الصبور فينا والحاني علينا ففي كريمته السوداء هم كبير وألغازُ يعجزُ المرء من فك محتواها ورموزها ..
حينها تنحنح جدار الدار ليبدأ بالكلام بنبراتً حزينه قائلا : ولكن يفجعني حال ذاك الصغير !
ذاك الذي لم يعي معنى الرحيل الإبدي فهو لم ينهل من الأمِ إلا القليل القليل أراهُ مهرولاً مرحاً بين أحشائي يبتسم لي وكأنما ملامحُ وجههِ الطفولي العذب تقول بلسان حالهِ لا يغُرك تبسمي وفرحي فأنا أبحث عن ضالتي فأين خلفتموها ؟ أين تركتموها ؟ تروني صامتا عاجزاً عن التعبير ولكني أنا القتيل الصريع وبداخلي أسألةً لا أجد لها جواب يشفي غليلي .
اتنهد بقوه وأمشي الهوينا أذهب مغمضاً عيني إلى منامِها أفتح عيني لعلي أجدها لتضمني لمره فأحس بها جنبي ولكن دون جدوى لا أرى الا طيفها الحاني بين وجداني ووجدان أخوتي وأبي.
أصبح نهاري وليلي بكاءٌ وصريخ فلا يسمعون ولا يعون بأني صغير في هذا الدنيا التي أخدة اعز ما أملك لنفسي
لماذا يا ترى ؟ ولما أنا ؟ وما جرمي وجريرتي ؟
فأقول لربي بما تعلمته من أمي من كلام فاطمة الزهراء (ع)...
الحمد لله على ما أنعم ، و له الشكر على ما ألهم ، و الثناء بما قدم ، من عموم نعم ابتدأها ، و سبوغ آلاء أسداها ، و تمام منن أولاها ، جم عن الإحصاء عددها ، و نأى عن الجزاء أمدها ، و تفاوت عن الإدراك أبدها ، و ندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها ، و استحمد إلى الخلائق بإجزالها ، و ثنى بالندب إلى أمثالها .. فأنت ربي تأخد وتعطي ومن غيرك مالك الملك تحيي وتميت وأنت على كل شيأ قدير فحمني وأجعلني خير الصغير الطائع لأبيه وأخوته...
عندها توقفت الدار عن الكلام وتركني فنويتُ الرحيل..
صرت أتمشى وفي مخيلتي ماضاً جميل قد عشناهُ سويه نلعب ونلهو بجنبها جناحها تخاف علينا من لهب شمس النهار وبرودة الليل القارص تتطعمُنا وتأوينا تخفف من احزاننِا وتواسينا تمسح بيدها على رؤسنا ولم ندري بأن الزمن سيحول يوم بيننا وبينها للفراق فليس هناك من أحد في هذا الوجود يملئ مكانها الجميل
بعين الله يا أمي ففي قلبي دائما أنكِ لم ترحلي فأنتي في قلبي وقلب كل من أحببتي وبعين من واليتي تأنسين بجوارهم جزائاً لخدمتك لهم في دنياك الزائله بكل أخلاص فقد تعلمنا منكٍ خدمتهم وولائهم أهل البيت بكل ما فينا ..
فكم كنتِ متصله بهم بروحكٍ وجسدك طوال حياتك وكانوا قريبين منكٍ في كل وقت تستغيثين بهم فيجيبون فلا شك عندي بأنكِ معهمُ ترثين أحزانهم وتنشدين أفراحهم بصوتكِ الولائي الجميل ..
فسلاما لهم أرواحنا لمقدهم الفداء وعلى نهجك ياأمي الحنون نخدمهم ونواليهم فهم النجاة وهم الحق ومنهم الصراط المستقيم ومن تقيد وآمن بهم نجا من ناراً حميم
فسلاما لـك أمي ما حييت..
1/2/2010 من وحي قلمي الحزين

0 التعليقات: